بقلم / سعيد الشربينى
يرى كثيرون أن ما حدث فى مصر يمثل امتداداً ثورياً للثورة المصرية التي بدأت في الخامس والعشرين من / يناير 2011، لكن ثمة اختلافات جوهرية في كامل الأداء على الأرض، له تبعاته وعلاقاته، يمكننا القول بناءًً عليه أن الحلبة السياسية بدت، وإن لم يتغير لاعبوها كثيراً.
ولعل من الضروري معرفة البنية المعرفية والعقدية التي أسست كيانات كالإخوان المسلمين في مجتمعاتنا ومؤسساتنا، لمعرفة الاحداث الثورية فجماعة الاخوان التي بدأت كدعوية (لا أيديولوجية بالمنطق النفعي/ المصلحي بالمطلق)، في مواجهة الدولة الحديثة، فسرعان ما وصلت الى أعلى مراحلها لما سماه – أو يقترب منه – المفكر عبد الوهاب المسيري «الجماعات الوظيفية». ولننظر في ذلك إلى خطابات ومواقف رموز الجماعة التي أعلنت أن العلاقة بينهم وبين النظام السابق، لطالما كانت علاقة مقايضة و منافع.
لذا بات من المنطقي أن يسرع عمر سليمان إلى مفاوضتهم في أحداث 25 يناير بشأن الانسحاب من الميدان من جهة، من دون أن يتنازل عن أدبيات خطاب نظامه منذ عقود في شيطنه الترس الأهم فيه وهو الإخوان المسلمون، عندما حذر رموزاً من الثورة الشبابية قائلاً: «إذا لم تقبلوا الانسحاب، فسيسرق الإخوان المسلمون منكم ثورتكم».
وذلك بعدما اصيبت جماعة الاخوان بنوع من الهوس بالسلطة والتمكين والحكم مما استلزم سرعة خلق كيانات ووحدات يسهل تحريكها لخدمة اهداف التمكين . وهنا باتت الجماعة فى أمس الحاجة الى استحضار آليات السلطة والغسل الأيديولوجى التى حاربتها فى الدولة الحديثة . وبناء عليه احتدم الصراع بين الدولة وجماعة الاخوان مستخدمين فى ذلك كل الوسائل البنائية والقطبية من تضليل وكذب ونفاق واهام الشعب من اجل الالتفاف حولهم للوصول الى غايتهم وقد حدث .
ومن ابرز ما انتجته هذه الثورة الاخوانية هى العمل على تمزيق وحدة الشعب من خلال نشر الفكر التخوينى والعمالة لكل من يحاول نقض اداء هذه الجماعة أو توجيه اللوم لهم . فعاش الشعب عامآ يعد هو الاسوء فى تاريخ مصر الحديث .
وعلى الرغم من انتفاضة الشعب ضد هذه الجماعة فى الثلاثين من يونيو وازاحتهم عن السلطة الا انهم قد تركوا من خلفهم سمومآ ماذالت تسكن جسد المجتمع المصرى حتى الان
فقد بات من السهل علينا أن نتهم كل من يحاول التعبير عن رأيه أو ينقد اداء الحكومة أو الدولة بالعمالة والخيانة للوطن .
فليس كل من ينقد أو يعارضأن يتهم بالعمالة والخيانة واشعال الحرائق فى ثوب الوطن . لآن الوطن ليس حكرآ على أحد بعينه فهو وطن كل المصريين ومن حق كل مواطن يعيش على ارض هذا الوطن أن يعبر برأيه فيما يصب فى صالح الوطن والمواطن هكذا تبنى الدول العظيمة ذات الحضارة والتاريخ .
فأن هذه السموم التى خلفتها جماعة الاخوان ورائها وماذلنا نتمسك بها لها تبعاتها الخطيرة على نسيج المجتمع المصرى على المدى البعيد فأننى آرى الاستمرار فى اتهام البعض منا بالعمالة والخيانة تعمل على فقد الثقة حتى بين العائلة الواحدة وهذا يضعف نسيج المجتمع من الداخل .
ولكن يجب علينا أن نسرع فى تصحيح هذه المفاهيم الخاطئة وتنظيف الجسد المصرى من تلك السموم الاخوانية التى ماذالت تسرى فى عروق الكثيرين منا والتى عملت على سهولة اتهام كل من يحاول النقد أو الدعوة الى اصلاح المفاسد بالخيانة والعمالة . ومن يهللون ويصفقون ويصنعون الاله بالوطنيين القوميين
فمصر عبر تاريخها الطويل لم تهزم المعتدين والغزاة الا بالوحدة والترابط والاخوة فهم سلاح عجز عنه غزاة العالم حتى هذه اللحظة .. فهل ننتبه ؟
( حمى الله مصر وشعبها وزعيمها من كل سوء )